أين منك المهرب أيتها المرأة
كم هي مسكينة المرأة ، وكم هي مظلومة فجميع أخطاء البشرية تحسب عليها ، وتنسب إليها ظلما وعدوانا ، ابتداء بخروج أبينا آدم وأمنا حواء من الجنة ، ومرورا بأول جريمة قتل في التاريخ ، وانتهاء بفتنة العباءة المخسرة ، والجنز الأزرق ، والعدسات الملونة .. وهلم جرا .. وسيظل الرجل يُحمِّل المرأة المسئولية الكاملة عن كل خطيئة أخلاقية يرتكبها ، لا لشيء إلا لأنه يراها عبارة عن كتلة متحركة من الفتن ، ويتصورها قنبلة موقوتة متى ما اقترب منها انفجرت فيه وسلبته عقله وصادرت قلبه ، وألهبت عواطفه ، وأوقدت فيه جذوة الفحولة النائمة ، فوقع صريع الهوى .. وراح يتخبط في غيه وضلاله كالطائر المذبوح .. لا يعي من أمره شيئا ، فأسلم روحه وحياته لشياطينه ، وانقاد لمن أمسكت بزمامه ، وانجرف وراء رغباته ، واندفع نحو هلاكه .. لا يرضى لقريب أن يمنعه ، ولا لعاذل أن يلومه ، ولا لصديق أن ينصحه ، ولا لشيخ أن يعظه ، ويخوفه بالله من عواقب انسياقه وراء شهواته وملذاته ، ولا حتى لطبيب أن يحذره من مرض خبيث قد يصيبه .. فهو معذور وغير ملوم على حد زعمه ، كيف لا وقد وقع ضحية ، لحواجب شيطانية ، وعيون عصرية ملونة ، وأخرى قديمة مكحلة ، وشعور مموجة ، وأخرى مجعدة ومفلفلة ، وكعوب عالية ، وجوالات مزركشة ، وعباءات مخسرة ، ونهود بارزة ، وأعجاز لافتة ، وعيون ناعسة .. متعللا بقول الشاعر :
إن العيون التـي فـي طرفهـا حـور ~ قتلننـا ثـم لـم يحــيين قتــلانا
يصرعن ذا اللب حتى لا حراك به ~ وهن أضعف خلق الله إنسانا
فأين منكِ المهرب أيتها المرأة .. وجسدك فتنة حتى ما ظهر منه ، ولباسك فتنة مهما كنت محتشمة ، وزينتك فتنة ، ومشيتك فتنة ، وكعبك فتنة ، وجواربك فتنة ، وأناملك فتنة ، وطلاء أظافرك فتنة ، وصوتك فتنة ، وكتاباتك فتنة ، واسمك فتنة .. وكل شيء فيك عورة وفتنة رغما عنك أو بإرادتك ؟!!
فبربك إلى أي مكان نهرب منك .. وأنت في الأسواق والمنتزهات والمستشفيات متبرجة .. متعطرة .. متزينة ، وفي التلفاز والمذياع خاضعة .. ناعمة ، وفي المواقع والمنتديات جريئة .. رومانسية .. جذابة .. رقيقة .. حالمة ..؟؟!!
وأخيرا هل تعلمي يا أخيه أن فينا نحن الشباب من لا يقوى على احترام نفسه ، ولا يفكر في مجاهدة هواه ، ولا يستعيذ بالله من شروره ، ولا من سيئات أعماله ، طالما وجدت امرأة واحدة غير محترمة في بيئته ؛ فاحترام البعض منا لأنفسهم ودينهم وتقاليدهم الإسلامية الحميدة مرهون باحترام النساء لأنفسهن ، فهم يشترطون لاحترام ذواتهم أن يعيشوا في بيئة خالية من الفتن ، وإلا فإنهم سيزيدون مجتمعاتهم خرابا ودمارا ، وفتنا ، على طريقة : ( علي وعلى أعدائي )ٍ ؟؟!!
فهلا تصدقتِ على فقراء الأخلاق وضعفاء النفوس ــ الذين يدعون أنك السبب في شبقهم وهوانهم وضياعهم ــ ولو بقليل من الاحترام والأخلاق الفاضلة ، لعلك تصلحين من أحوالهم ما عجز عنه المفكرون والدعاة والمنظرون ، وتـُقيمين ما اعوَجَّ من سلوكهم وأخلاقهم ، وتصححين ما شذ من أفكارهم ، وما ندَّ من تصرفاتهم ؛ فهم في أمس الحاجة لما تجود به نفسك من كرم أخلاقك وعفافك واحترامك لدينك ونفسك .. أثابك الله ، وجعل ما تتفضلين به علينا في موازين حسناتك .
وفي النهاية أتمنى ألا يذهب رجائي وأملي فيكِ أدراج الرياح ، وألا تنطبق عليك مقولة : ( فاقد الشيء لا يعطيه ) !! .
بقلمي